قال سعادة السفير المغربي في نواكشوط حميد شبار إن العلاقات المغربية الموريتانية "تستمد قوتها، من الحرص الدائم لقائدي البلدين الملك محمد السادس، والرئيس محمد ولد الغزواني، على رسم آفاقٍ واعدة لشراكة مغربية موريتانية نموذجية قادرة على رفع التحديات التي تواجه البلدين الشقيقين في فضائهما الإقليمي والقاري وتستجيب لطموحات الشعبين الشقيقين".
جاء ذلك في خطاب ألقاه شبار مساء الثلاثاء في نواكشوط بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ25 لعيد العرش المغربي المجيد.
وقال سعادة السفير إنه "من محاسن الصدف أن يتزامن احتفال الشعب المغربي بهذه الذكرى الغالية مع احتفال الشعب الموريتاني الشقيق بإعادة انتخاب فخامة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية ثانية"
وأضاف: "أنتهز هذه السانحة، كسفير لجلالة الملك، نصره الله، لكي أرفع أصدق التهاني والتبريكات لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على النجاح الذي عرفته محطة الانتخابات الرئاسية، وانتخاب فخامته لولاية ثانية".
وأكد السفير المغربي في موريتانيا حميد شبار أن المغرب وموريتانيا تجمعهما "علاقات أخوية متميزة قائمة على وشائج الأخوة والقربى وروابط الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك، وترتكز على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في التعاون المثمر والبنّاء"، طبقا لما جاء في نص الخطاب التالي:
نص كلمة سفير صاحب الجلالة سعادة السيد حميد شبار
بمناسبة الاحتفال بالذكرى 25 لعيد العرش المجيد
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
معالي السيد وزير الشؤون الخارجية والموريتانيين في الخارج، أصحاب المعالي الوزراء، السيدة الأمينة العامة وأصحاب السعادة السفراء أعضاء الوفد الرسمي،
أصحاب السعادة السفراء وممثلي الهيئات والمنظمات الدولية المعتمدين بنواكشوط،
السادة ممثلو السلطات المدنية والعسكرية،
السيدات والسادة المنتخبون،
أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ الأجلاء،
السيدات والسادة رؤساء وممثلو الأحزاب السياسية،
السيدات والسادة رجال الأعمال
الإخوة والأخوات أعضاء الجالية المغربية المقيمة بنواكشوط،
السادة ممثلي المجتمع المدني والإعلام،
أيها الحضور الكريم،
في هذا اليوم المبارك، يُخلد الشعب المغربي الذكرى الخامسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، على عرش أسلافه الميامين. وهي ذكرى يستحضر فيها الشعب المغربي قاطبة، بأسمى مظاهر الفخر والاعتزاز، قوة الالتحام المكين الذي يجمع الشعب المغربي بالعرش العلوي المجيد، على امتداد التاريخ العريق للأمة المغربية، التحام يستمد قوته وحصانته من روابط البيعة الشرعية المتينة التي تجمع أمير المؤمنين بشعبه الوفي.
ومن محاسن الصدف أن يتزامن احتفال الشعب المغربي بهذه الذكرى الغالية مع احتفال الشعب الموريتاني الشقيق بإعادة انتخاب فخامة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية ثانية، وأنتهز هذه السانحة، كسفير لجلالة الملك، نصره الله، لكي أرفع أصدق التهاني والتبريكات لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على النجاح الذي عرفته محطة الانتخابات الرئاسية، وانتخاب فخامته لولاية ثانية، مذكرا بما جاء في برقية التهنئة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لأخيه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والتي قدم فيها جلالته تهانيه الحارة لفخامة الرئيس راجيا له كامل التوفيق في مواصلة قيادته الرشيدة لتحقيق مزيد من التقدم والرخاء والتنمية الشاملة للجمهورية الاسلامية الموريتانية الشقيقة.
كما لا تفوتني هذه الفرصة دون أن أهنئ فخامة الرئيس على انتخابه على رأس الاتحاد الأفريقي. انتخاب يعتبر بمثابة تتويج للإنجازات الهامة التي حققتها الدبلوماسية الموريتانية خلال السنوات الأخيرة والتي تمثلت في الحضور الفاعل والفعال للجمهورية الاسلامية الموريتانية في مختلف المحافل الدولية والإقليمية وجعلت من موريتانيا وجهة موثوق بها لدى مختلف الشركاء.
حضرات السيدات والسادة،
تصادف الاحتفالات بذكرى عيد العرش المجيد هذه السنة مرور ربع قرن على اعتلاء أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش أسلافه المنعمين، وهي مناسبة لاستحضار حصيلة 25 سنة من العطاء المستمر والانجازات المشهودة ، استطاعت من خلالها المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك نصره الله، من تحقيق نجاحات لا تُخطئها عين مما مكنها من تحقيق ثورة هادئة ارتكزت أساسا على رفع تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع تحصين الوحدة الترابية للمملكة. انجازات ارتقت بالمملكة إلى مصاف الدول الصاعدة اقتصاديا والمؤثرة سياسيا ودبلوماسيا في محيطها الإقليمي والدولي. ويمكن إيجاز هذه الانجازات بعجالة في المحاور التالية:
حضرات السيدات والسادة،
- على صعيد الإصلاحات الدستورية و السياسية، دشن دستور 2011 لمرحلة سياسية ودستورية بالمملكة، قوامها تعزيز البناء الديمقراطي من خلال تعزيز مبدأ فصل السلط واستقلال القضاء و توسيع صلاحيات الجهاز التنفيذي بالإضافة إلى إحداث هيئات جديدة للحكامة الجيدة وتكريس الحقوق والحريات الفردية والجماعية.
وقد توجت الإصلاحات في مجال الحقوق والحريات باعتراف وإشادة دولية مكنت المغرب اليوم من رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بدعم كبير من أعضاء المجلس المذكور، وذلك كعربون ثقة وتعبير صريح من المنتظم الدولي عن المصداقية التي تحظى بها المملكة في هذا المجال.
- على الصعيد الدبلوماسي، تعتبر قضية الصحراء المغربية قضية الشعب المغربي قاطبة والمحدد الأساسي لسياسة المغرب الخارجية. وعليه، لا يختلف اثنان على أن الدبلوماسية المغربية، بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة، نصره الله، حققت مكاسب يقر بها الجميع، اليوم، نذكر على رأسها دينامية الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء والدعم الدولي الصريح للمبادرة المغربية للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، كحل وحيد وأوحد لحل هذا النزاع المفتعل. وقد ترجمت هذه الدينامية، كما يعلم الجميع، بافتتاح العديد من الدول، من مختلف القارات، لقنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وذلك كتتويج لوجاهة المقاربة الملكية في تدبير هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مقاربة تسعى إلى جعل الأقاليم الجنوبية للمملكة فضاء للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وللأمن والاستقرار وبوابة للمملكة على محيطها الأفريقي.
وتعززت اليوم، ونحن نحتفل بذكرى عيد العرش المجيد، دينامية الإقرار بسيادة المغرب على صحراءه بالموقف الفرنسي، الذي عبر عنه اليوم فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، في رسالة موجهة إلى صاحب الجلالة، والتي اعتبر فيها الرئيس الفرنسي على أن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية، معتبرا أنه بالنسبة لفرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يشكل من الآن فصاعدا الأساس الوحيد والإطار الحصري لحل هذا النزاع الإقليمي ومؤكدا التزام فرنسا بالتحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي.
حضرات السيدات والسادة،
على مستوى القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وجب التذكير بموقف المملكة المغربية الثابت والواضح من القضية الفلسطينية التي يضعها المغرب في صدارة انشغالاته مع الـتأكيد على تشبث المملكة بعدالة القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة. وكترجمة ملموسة لهذا الموقف المبدئي، يسهر صاحب الجلالة، نصر الله، رئيس لجنة القدس الشريف، على حماية الوضع القانوني والتاريخي والسياسي والروحي لمدينة القدس الشريف والحفاظ على طابعها المعماري والحضاري المتفرد كمدينة للسلام واللقاء بين أتباع جميع الديانات التوحيدية، وخصوصا عبر وكالة بين مال القدس التي تحظى بتمويل شبه حصري من المملكة. كما نستحضر هنا المبادرات المتواصلة لجلالة الملك بتقديم مساعدات إنسانية غذائية وطبية لإغاثة المدنيين بغزة، مساهمة من المملكة في التخفيف من معاناة الأشقاء الفلسطينيين في المحنة التي يمرون منها. وفي خطاب جلالة الملك الموجه للشعب المغربي مساء أمس الاثنين، خصص جلالته جزءا هاما من الخطاب للقضية الفلسطينية، مؤكدا دعم جلالته لكل المبادرات البناءة التي تهدف لإيجاد حلول عملية لتحقيق وقف ملموس ودائم لإطلاق النار ومعالجة الوضع الإنساني ومعتبرا أن تفاقم الأوضاع بالمنطقة يتطلب الخروج من منطق تدبير الأزمة إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي لهذا النزاع وأضاف جلالته أن إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة لن يكتمل إلا في إطار حل الدولتين، تكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي إطار حرصه على تنويع شراكاته، أولى المغرب، منذ اعتلاء صاحب الجلالة لعرش أسلافه المنعمين، اهتماما خاصا بالقارة الأفريقية متبنيا مفهوما مبتكرا للشراكة قوامه التعاون جنوب-جنوب وثوابت القرب والالتزام والتضامن والتعاون المشترك, ذلك انطلاقا من قناعة مفادها أن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بأفريقيا رهين بإرساء تعاون مثمر ومفيد لكافة بلدان القارة. ومنذ توليه العرش، قام صاحب الجلالة، نصره الله، بأكثر من 50 زيارة للبلدان الأفريقية، تم التوقيع خلالها على أكثر من 1000 اتفاقية تهم مختلف مجالات التعاون. وفي هذا الإطار قام المغرب، بتوجيهات وإشراف فعلي لصاحب الجلالة، نصره الله، بعدة مبادرات ومشاريع تهم تحقيق الاندماج الاقتصادي في أفريقيا. وكنموذج على هذه المشاريع نذكر المبادرة الملكية الدولية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي والمشاريع المشتركة مع دول أفريقية في مجالات إستراتيجية كالمشروع الضخم لخط الغاز المغرب-نيجيريا، ومشاريع أخرى تهم الأمن الغذائي والسيادة الدوائية للقارة الأفريقية،
حضرات السيدات والسادة:
- على صعيد الانجازات الاقتصادية، منذ اعتلاء صاحب الجلالة، نصره الله، لعرش أسلافه الميامين، تمكنت المملكة المغربية من بناء اقتصاد متنوع و تحقيق نهضة تنموية شاملة مشهود بها من طرف جميع المتتبعين بما في ذلك المؤسسات المالية والمنظمات الدولية المهتمة بقضايا التنمية. إذ حقق المغرب معدل نمو سنوي، خلال الخمس والعشرين سنة قارب5%سنويا، كما حقق الناتج الداخلي زيادة بنسبة 340% خلال الفترة الممتدة ما بين 2000 و 2023.
واعتمدت هذه الطفرة الاقتصادية على سياسة تقوم بالأساس على تشجيع الاستثمار الوطني والخارجي، عبر تحسين مناخ الأعمال وزيادة الاستثمار العمومي، خاصة عبر سياسة الأوراش الكبرى. واسمحوا لي أن أشارككم بعض المؤشرات المشفوعة بالأرقام بخصوص نتائج هذه السياسات الطموحة:
- بفضل مخطط المغرب الأخضر،يشكل القطاع الفلاحي اليوم قطاع مصدرا جعل من المغرب المورد الأول للسوق الأوربية من الخضر والفواكه، حيث يحتل المغرب الصدارة عربيا وأفريقيا و تجاوزت قيمة الصادرات الفلاحية للمملكة أكثر من 8 مليار دولار سنويا.
- في مجال الطاقة والطاقات المتجددة، يحتل المغرب الريادة إقليميا في مجال الطاقة المتجددة، عبر مشاريع رأئدة في الطاقة الشمسية ك" نور ورززات"، والمحطات الريحية في شمال وجنوب المملكة . ويطمح المغرب أن يغطي أكثر من نصف احتياجاته في الطاقة عن طريق الطاقة المتجددة، في أفق 2030. كما طور المغرب استراتيجة واعدة في مجال الاستثمار في الهيدروجين الأخضر،
- في المجال الصناعي، مكن مخطط التسريع الصناعي من خلق 50 حلقة انتاج متكاملة écosystème، في 14 منطقة صناعية، خصوصا في مجال صناعة السيارات وأجزاء السيارات وتجهيزات الطائرات والصناعات الدوائية والصناعات الإلكترونية والكهربائية. وبفعل هذه الإستراتيجية يتسيد المغرب اليوم مجال صناعة السيارات على المستوىين الأفريقي والعربي، إذ يصدر المغرب اليوم أكثر من 700 ألف سيارة سنويا، مع نسبة إدماج تناهز %70. كما لا تخلو طائرة في العالم اليوم من قطعة غيار على الأقل صنعت بالمغرب.
و سطر المغرب، الذي يحوز أكثر من % 70 من الاحتياطات العالمية من الفوسفاط، برنامجا متكاملا لتثمين وتنويع مشتقاته ومنتجاته، خاصة بإرساء صناعة مبتكرة للأسمدة بمختلف أنواعها، بغية الاستجابة لتزايد الطلب العالمي من هذه المواد الحيوية الضرورية لتحقيق الأمن الغذائي للدول، خاصة بعد جائحة كوفيد 19 ،
- في ميدان البنية التحتية واللوجيستيك، تم إنجاز عدة مشاريع عملاقة، جعلت من المملكة قطبا لوجيستكيا على المستوى الأفريقي وعلى مستوى المجال المتوسطي ونذكر على سيبل المثال لا الحصر: ميناء طنجة المتوسط، المناطق الصناعية والحرة، خط القطار فائق السرعة طنجة الدار البيضاء الذي سيتم تمديده إلى مراكش وأكادير، شبكة متطورة من الطرق من الجيل الجديد بما فيها الطرق السيارة التي من المنتظر أن يصل طول الشبكة الوطنية 3000 كلم في أفق 2030،الطريق السريع تزنيت-الداخلة. يضاف إلى هذا تحويل المملكة إلى قطب للنقل الجوي عبر مشروع تعزيز أسطول الخطوط الملكية الجوية باقتناء 200 طائرة جديدة في أفق 2030، بالإضافة إلى القطب المالي بالدار البيضاء، مدينة محمد السادس الذكية بطنجة، ميناء الناظور المتوسطي، ميناء الداخلة الأطلسي، محطات تحلية المياه وغيرها،
- وعلى مستوى القطاع السياحي، مكنت رؤية 2020 والمخطط الأزرق من مضاعفة الطاقة الإيوائية للمملكة عدة مرات، ومن جعل المغرب قطبا سياحيا بامتياز، إذ تجاوز عدد السياح 14،5 مليون سائح سنة 2023 بزيادة 34% مقارنة بسنة2022، وبذلك تمكن القطاع من تحقيق عائدات مهمة تقدر بـ 12 مليار دولار بارتفاع يناهز 12% مقارنة بسنة 2022.
- على المستوى الاجتماعي، فقد جعل صاحب الجلالة الملك محمد السادس من ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية أولوية مهمة من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و تعميم الحماية الاجتماعية والدعم المباشر للأسر المعوزة و الدعم المباشر لاقتناء السكن.
حضرات السيدات والسادة:
ولأن الشأن الرياضي يشكل محورا أساسيا في اختيارات المملكة وبرامجها ومخططاتها، فإن ما تحقق من إنجازات ومكاسب في هذا المجال، منذ اعتلاء صاحب الجلالة عرش أسلافه المنعمين، فاق كل التوقعات. فتأهل المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم لنصف نهائي كأس العالم قطر 2022، وفوز المغرب ببطاقة تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 بالإضافة إلى شرف تنظيم كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، كلها تشكل عربون نجاح و اعتراف بالتطور الذي عرفته كرة القدم والرياضة المغربية عموما وبالمجهودات الاستثنائية التي بذلها جلالة الملك لصالح كرة القدم الإفريقية والشباب، منذ اعتلاءه لعرش أسلافه.
ويستمر المغرب، بقيادة مستنيرة وحكيمة من جلالة الملك محمد السادس نصره الله، كقوة هادئة وكبلد واثق في نفسه وموثوق به من طرف الجميع، في تحصين وحدته الترابية وفي تعزيز مسيرته التنموية المدعومتين بمبادرات إقليمية لبناء فضاء إقليمي يسوده الأمن والرخاء والاستقرار.
أيها الحضور الكريم:
تجمع المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة علاقات أخوية متميزة قائمة على وشائج الأخوة والقربى وروابط الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك، وترتكز على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في التعاون المثمر والبنّاء. و تستمد هذه العلاقات قوتها، من الحرص الدائم لقائدي البلدين، جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وأخيه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، على رسم آفاقٍ واعدة لشراكة مغربية موريتانية نموذجية قادرة على رفع التحديات التي تواجه البلدين الشقيقين في فضائهما الإقليمي والقاري و تستجيب لطموحات الشعبين الشقيقين..
وقد عرفت تلكم العلاقات دينامكية جد إيجابية خلال السنوات الأخيرة، ترجمت على المستوى السياسي والمؤسساتي بتبادل كثيف للزيارات بين مسؤولي البلدين، تجاوزت 70 زيارة في الثلات سنوات الأخيرة. كما لا يخلو قطاع من القطاعات، بما فيها المجالات العسكرية والأمنية، من مشاريع تعاون ملموسة تهم الدعم التقني والتكوين و تبادل الخبرات.
وقد شكلت الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية، التي انعقدت خلال شهر مارس 2022 بالرباط، تجسيدا لهذه الدينامية حيث توجت أشغال هذه الدورة، بالتوقيع على 13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم.
على الصعيد الاقتصادي، عرف التعاون بين البلدين دينامية ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى التبادلات التجارية أو على مستوى الاستثمارات. إذ يعتبر المغرب أول مورد لموريتانيا على المستوى الأفريقي وتحضر الشركات المغربية في موريتانيا في قطاعات مهمة كالاتصالات و المحروقات والأبناك والأسمنت و مواد البناء. وتشكل اللقاءات والمنتديات بين رجال الأعمال المغاربة ونظرائهم الموريتانيين، التي كان آخرها منتدى رجال الأعمال الذي انعقد هذه السنة بنواكشوط في 24 فبراير 2024. فرصة للفاعلين الاقتصاديين في البلدين للتعبير عن انخراطهم في النهوض بمستوى التعاون الاقتصادي بين البدين.
وكما لا يخفى عليكم، يشكل التعاون في مجال التعليم العالي والتكوين المهني أحد أهم الركائز التي يقوم عليها صرح التعاون الثنائي بين بلدينا. وتولي المملكة، منذ عقود مضت و على وجه التحديد منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، اهتماما خاصا لتكوين طلبة الموريتانيين وما انفكت تواصل جهودها لتعزيز هذا التعاون الأكاديمي وذلك بتخصيص أكثر من 300 منحة للطلبة الموريتانيين سنويا والعدد مرشح للارتفاع عبر توفير كراسي بيداغوجية إضافية كل سنة، وتحتل موريتانيا، بفضل هذا التعاون، الصدارة عربيا و أفريقيا من حيث الاستفادة من منح الدراسات العليا في المملكة. وحسب ما هو متوفر من معطيات، فإن عَدَد خِرِّيجِي مُخْتَلَف الجَامِعَات والمَعَاهِد وَالمَدارِس المَغْرِبِيَّة مَنَ الأُطُر المُورِيتَانِية مُنْذُ الرَّعِيلِ الأَوَّل إِلى اليَوْم يناهز 30.000 إِطَارًا فِي مُخْتَلَفِ التَّخَصُّصَات وَمِن مُخْتَلَفِ الأَجْيَال، وَتَحْتَلُّ هَذِهِ الأُطُر اليوم مَنَاصِبَ رَفِيعَةً سَوَاءً فِي القِطَاعِ العَامِّ أَو القِطَاعِ الخَاصِّ.
على صعيد متصل، يعتبر المغرب الوجهة المفضلة للموريتانيين لاعتبارات عدة أهمها الزيارات العائلية، الدراسة، العلاج، السياحة. (اكثر من 40 ألف تأشيرة تقدم للموريتانيين كل سنة لزيارة المغرب).وبالمقابل، تقطن بموريتانيا، خاصة بمدن نواكشوط ونواذيبو جالية مغربية مهمة مندمجة بشكل جيد في المجتمع الموريتاني و تساهم في تنمية البلد.
وبالرغم من الدينامية الإيجابية التي تشهدها العلاقات الثنائية المغربية الموريتانية وفي كافة المجالات،فإن طموح المملكة، كما أكد على ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في برقية التهنئة السامية الموجهة لفخامة الرئيسالسيدمحمد ولد الشيخ الغزواني ، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا للبلاد، هو مضاعفة الجهود "للسير قدما في تعزيز وتطوير علاقات التعاون المتميزة القائمة بين بلدينا الجارين، والتي يحذونا حرص مشترك للارتقاء بها إلى مستوى شراكة نموذجية تجسد متانة روابط الأخوة والتضامن المتجذرة التي تجمع الشعبين الشقيقين، وتستجيب لطموحاتهما المشتركة" (انتهى الاقتباس)
وتجسيدا لما يربط المملكة المغربية بالجمهورية الاسلامية الموريتانية من مشاعر و ووشائج متعددة الأبعاد، لا يمكنني ختم هذه الكلمة وأنا في معقل الشعر والشعراء، دون مشاركة الحضور الكريم ما جادت به قريحة أحد الأصدقاء الموريتايين بمناسبة عيد العرش، حيث نظم يقول:
يا عيدَ عَرشٍ في الزمانِ تَجَدَّدَا أشْرقْتَ شَمْساً، فالظلامُ تَبَدَّدَا
هذي المَغَارِبُ والمَشَارِقُ تَحتَفِي فالكُلُّ غَنَّى، والنشيدُ تَرَدَّدَا
شِنقيطُ تَفرَحُ مِثلُمَا مَكناسُ تَفرَحُ فالتَّضَامُنُ للأُخُوَّةِ جَسَّدَا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.